ماذا لدينا بالمحصلة؟بالطبع ليس بعض النقود الحجريّة التي اعتدنا جمعها في سن الطفولة لنضعها في الحصّالة.
ما هو ظاهر لنا، حرب قائمة في غزّة، حدود مشتعلة في جنوب لبنان، توتر في البحر الأحمر، وسنكتفي بهذا، لعدم توسعة زاوية الفرجار (البيكار) الى ما لا يطالنا بالمباشر.
كلّ هذه الاحداث باتت تطالنا بالمباشر فقط لرغبة من جهة، تدّعي انها لبنانيّة، قامت منفردة بربط الساحات في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جَمَل.
فمن حيث الجغرافيا، فإن غزّة تقع في بلد آخر هو فلسطين وتبعد مئآت الكيلومترات عن حدودنا اللبنانيّة، تفصل بينهما اسرائيل وقوات اليونيفيل.
أما من حيث القضيّة، فهي القضيّة الفلسطينيّة (العادلة)، التي اثبتت ماجريات الاحداث التاريخيّة فيها أنها ليست قضيّة صراع عربيّ- اسرائلي، إنما صراع فلسطينيّ- إسرائيليّ. العرب معنيون بهذا الصراع من باب التضامن الاخوي - العروبي، إن صحَّ التعبير، لا من باب القضيّة المباشرة لكل بلد منهم، بالمعنى الحصري للكلمة، والدليل على هذا الأمر، المنحى السياسي نحو حركة التطبيع التي انخرطت بها دول الخليج العربيّ وطبعًا لا ننسى معاهدات السلام القائمة بين دول عربيّة واسرائيل، كجهوريّة مصر العربيّة والأردن.
بالعودة إلى ربط الساحات، فإن لم يكن هناك من رابط لا من حيث الجغرافيا ولا من حيث القضيّة، ما هي مصلحة لبنان ان يربط ساحته بباقي ساحات الصراع؟
الجواب، أن لبنان الدولة أصبح رهينة لمشروع التمدد الإيراني الاستراتيجي في المنطقة، إذ هو أصبح بمجمله ساحة مستباحة للاغتصاب الساسي والامني والاجتماعي والاقتصادي، والمغتصب هو من ياخذ عنه القرارات المصيريّة.
لم يعد خافيًا على أحد ارتباط محور الممانعة بمشروع الدولة الإيرانية العابر للدول والدساتير، لا بل للقارات، لكونه ليس فقط مشروع توسعي سياسي بل ايضًا لكونه مشروع عقائيدي-ديني، لديه مهمة تطهير العالم من ابناء الضلال الذين لا يتبعون او يخضعون لولاية الفقيه.
في المحصّلة، اصبح اللعب اليوم بالمكشوف. رغم ذلك لا يزال هناك العديد من اللبنانيين يصرّون على عدم رؤية الواضح المكشوف ويذهبون لتفاسير وتحليلات ومساعي سرياليّة تنضوي تحت شعارات الحوار والتقارب والتفاهم والشراكة وغيرها.
بالله عليكم، كفى. في علم الهندسة هناك قاعدة جوهريّة لعلم الخطوط، مفادها أن خطّان متوازيان لا يلتقيان ابدًا، وبالتالي يستحيل ان توجد بينهما نقطة مشتركة، بل فصل تام، كالفصل بين الجنّة والنار. في لبنان مشروعان يمثلان خطّان متوازيان، المشروع الإيراني ومشروع لبنان الديمقراطي الليبرالي السيّد المستقل، مهما كان نظامه.
في المحصّلة، على كل فرد من الناس على الأرض اللبنانيّة أن يختار في جانب من هو. وللقائلين ان لديهم خيارات بديلة، نقول لهم، إفتحوا عيونكم يا اخوة جيدًا على الواقع بشموليته ولا تتعامَوا عن الواضح المكشوف.