إدمون بخاش - بين التقيّة والمصارحة والحوار

أعلن رئيس حركة التغيير إيلي محفوض عن استحالة الحوار مع محور الممانعة بحجة أنهم يأتون الحوار بموقف فوقيّ تجاه الآخرين، وبأن الحوارات السابقة معه لم تفضي الى النتائج المرجوة. إلّا أن محفوض أعلن أيضًا عن مصطلح جديد للمرحلة الراهنة وهو "المصارحة"، إذ يرى فيه محفوض بابًا للمصالحة.

سأتوقف عند إشكاليّة أوليّة بكلام محفوض طارحًا السؤال التالي، في أي إطار سوف يُجري محفوض مصارحته مع الآخرين؟ لا بد من حوار للمصارحة، لسبب بدبهيٍّ جدًا وهو، أن الحوار بطبيعته يفترض المصارحة، إذ أن أبرز أركانه يقوم على ان يعرض كلّ طرف من الاطراف قناعاته وهويته بصراحة تامة وأن يتقبل الأطراف المشاركون في الحوار بعضهم بعضًا دون انتقاد او انتقاص للآخر. لا أظن ان محفوض يود اجراء مصارحتة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا بد من لقاء، ومحفوض يرفض اللقاء بما أنه يرفض الحوار.

من جانب آخر، كيف يمكن أن تستقيم مصارحة مع طرف يعتنق التقيّة كمبدأ وحقيقة دينيّة؟ لمن لا يعرفون فالتقيّة فهي «كتمان الحق وستر الأعتقاد فيه ومكاتمه المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين أو الدنيا أي ان التقية هي لاجتناب شر الكفار أو المشركين وذلك بموافقه بعض افعالهم مع عدم الايمان والتصديق بها قلبا.» 

مما سبق، يستطيع ممارس التقيّة أن يجاريك فيما ترغب عن غير اقتناع منه بما تأتي به من قول أو فعل وهو بذلك لا يجد ما يؤرّق له ضميره، بل على العكس هو مرتاح بذلك مع نفسه ومع ربّه، ومن هنا ايضًا أسأل أيضًا السيد محفوض، ما هي ضمانات المصارحة بوجود فعل التقيّة عند الطرف الآخر؟ فليجبنا لو يسمح.