أمام التهديدات الإسرائليّة الجديّة بتدمير لبنان بعد الانتهاء من تدمير غزّة، يقف معظم اللبنانيّين وما تبقّى من الدولة اللبنانيّة، موقف العاجز المسكين الذي لا حول له ولا قوّة، سوى بالصراخ بمقولة رفض الحرب وبالعويل من عضّة الجوع وبغسل الأيدي والتبرّؤ من المسؤوليّة ورميها على الغير، بمحاولة لإيجاد كبش محرقة ينوب عن الجميع، والكبش واحد، كما كان دائمًا في صراع الدول، هو الشعب. لا نرى من يبادر حقيقةً إلى التفكير الجديّ والعمل الفعليّ في محاولة استباقيّة لتفادي الكارثة أو لمواجهتها. الكلّ في حالة انتظار حتى تقع الفأس في الرأس، ومن بعدها، لمن سيبقى من هؤلاء الناس على قيد الحياة وغير مصاب بعاهة نفسيّة او جسديّة، سيحاولون لملمة ما تبقّى، إن بقي!
الآن وقبل فوات الأوان، يجب على كلّ قرية أو حيّ أو منطقة صغيرة أن تسعى لخلق جهاز بشريّ على شكل هيئة شعبيّة، تقوم بالتواصل مع جميع سكّان المنطقة لمعرفة ما هي الامكانيّات اللوجستيّة، والبشريّة المتاحة لديهم، من المأكل والمشرب والملجأ والمستشفى والمستوصف، ألخ. يجب وضع خطّة لإخلاء الناس في حال تهدّدت مناطقهم بالدمار الشامل على غرار ما يحصل في غزّة. على كلّ منطقة أن تفكّر في كيفيّة استيعاب، أو عدم استيعاب، لاجئين محتملين من مناطق أخرى. بالنتيجة على كلّ منطقة أن تتدبّر شؤونها بذاتها، من الآن فصاعدًا. الكلّ بات يعلم أنّ الدولة مغيّبة وهي شبه ميتة. أمّا الأحزاب، فيزدادون تحزّبًا لصراعاتهم إلى السلطة في لعبة شدّ حبال قذرة. والحزب المهيمن ورّطنا في صراعات المنطقة لمصلحة أسياده في إيران.
أيّها اللبنانيّون، لكم الاتّكال على الله وعلى سواعدكم وعلى إرادتكم في الحياة. إنّها فرصة كبيرة لإنجاح العمل المناطقي لخدمة مشروع واحد، هو محاولة انقاذ الوطن، في ظلّ ظرف عصيب كالذي نمرّ به. نجاح هكذا محاولة سيكون البرهان الساطع والواضح على وحدة اللبنانيّين في تنوّعهم وعلى قدرتهم على أن يحكموا ذاتهم بذاتهم مناطقيًّا ومن دون اللجوء إلى دولة مركزيّة فاشلة، أو بالاتّكال على أحزاب هرمة الفكر والقِوام، لم تفعل شيئًا سوى إبقاء الحال على ما هو عليه. والأهم، أنّ النجاح في هذه التجربة، قد يكون حجر الأساس للنظام الفدرالي الجديد للبنان والذي سيكون مبنيًّا هذه المرّة على التجربة الحسيّة الواقعيّة، أي حكم الذات بالذات مناطقيًّا، لا على القول والتنظير. فهيّا إلى العمل.