"... بدنا نصلي لرجال المقاومة، قولوا سور مايا قالت". بهذة الكلمات توجّهت الأخت مايا زيادة لطلاب مدرسة الحبل بلا دنس في غبالة. قامت القيامة ولم تقعد، بين مؤيد ومعارض، منهم عن معرفة ومنهم عن جهل. بيئة الممانعة ايّدت الخطاب واشادت بالراهبة المذكورة، كيف لا؟ فهي راهبة مسيحيّة، اي انها تنتمي للبيئة المحتاج لها الحزب وبيئته كغطاء شرعي على المستوى الوطني.
فالأخت مايا وأمثالها هم بالنسبة للحزب ك "شحمة ع فطيرة".
ما المشكلة في كلمة الأخت مايا؟
البعض انتقدها كونها توجهت بهذا الكلام لطلاب هم في سن قد تكون يانعة وبالتالي لا يصلح أن يتلى على مسامعهم هذا النوع من الكلام.
اما البعض الآخر فانتقدها على قاعدة انها راهبة ولا يجوز لها أن تُقحم نفسها في المسائل السياسيّة الحساسة. وغيرها من الانتقادات التي لا مجال لذكرها هنا.
كل هذا جيّد، ولكن لا تكمن هنا المشكلة الحقيقيّة. فالأخت مايا صحيح انها دعت للصلاة للجنوب ولأهل الجنوب ولرجال المقاومة، لكنها لم تكتف بذلك بل أردفت قائلة، أن من لا يصلّي لما ذكرت، هو خائن لوطنه ولأرضه ولكل الكتب السماويّة. هنا تحديدًا حادت الأخت الكريمة عن الكلام المتّزن، لتُطلق العنان لحماستها لا لعقلها. فأي لاهوت مسيحي وأي تعليم، يعطي الحق للأخت الكريمة أن تدين الآخرين وتخوّنهم؟ وكيف يكون الإنسان خائنًا لوطنه إن لم يتضامن مع فعل مقاومة تعود مفاعيله ومكاسبه لبلد غير وطنه؟ لا بل وطنه رهينة لفعل المقاومة هذا! من ناحية أخرى، إن الصلاة والتضامن مع الآخرين في أوضاعهم الصعبة هو في صلب الإيمان المسيحي، ولكن هذا التضامن لا يجب أن يطال أناس ويستثني آخرين. بكلام أوضح، إن تَضَامنّا مع ضحايا الجنوب وغزّة فلا بد لنا كمسيحيين، وانطلاقًا من ايماننا بمحبة الله الشاملة، أن نتضامن أيضًا مع الضحايا الذين سقطوا على أيدي مقاتلي حماس في الجانب الآخر في ٧ أكتوبر. فالمسيحي الحقيقي يؤمن أن الجميع هم ابناء الله وبأنه مدعو لمحبة اعدائه على قول المسيح ذاته "احبوا اعداءكم وباركوا ا لاعنيكم"، ولا يقول احبوا اناسًا مقاومين وعادوا اناسًا ظالمين. المسيح غفر لأعدائه. هذا هو المسيح الحقيقي.
للأسف هناك من هم في ضلال، ويبشرون أن المسيح هو مع المظلوم ضد الظالم. بالحقيقة، المسيح مع المظلوم لتعزيته ومع الظالم لهِدايته، فكلاهما اخَوان له، أمّا العدو فهو الشرير، لا الإنسان الذي أغواه الشرير. وإن استعملنا كلمة ضالين، فهو من باب توصيف جهل المتكلمين بتعاليم المسيح والإنجيل، لا من باب الإدانة.
لا نأسف إن جَهِلَ غير المسيحي تعاليم الإنجيل، فهذا أمر طبيعيّ. إنما نأسف لمن يسمّى بالمسيحي ولا يعلم عن الإنجيل والمسيح إلّا ما قيل عنه من أقاويل شعبيّة يتناولها بسطاء الناس، فيتبناها بدوره ويروح يصدح بها على وسائل التواصل الإجتماعي، ولا يكتفي بذلك، إنما ينصِّب نفسه مرجعيّة ومدافع عن المسيحيّة. عجيب أمرك يا صاح!
المسيحيّة لها مسيح يدافع عنها، "فالحكمة قد بنت أعمدتها وبررت ذاتها".
قد يشفع بالأخت مايا أنها قالت، "قولوا سور مايا قالت" أي ان الأخت هي مرجعيّة ذاتها، بذلك كلامها يمثلها ولا يمثل أحد غيرها.
هذه هي الراهبة التي حَكَت، ويا ليتها ما حكت.